Admin Admin
عدد الرسائل : 84 العمر : 35 العمل/الترفيه : طالب المزاج : رايق عارضة طاقة : اعلام الدول : المهنة : الهواية : الأوسمة : تاريخ التسجيل : 30/08/2008
| موضوع: أحلام على ضفاف الوطن الإثنين يناير 26, 2009 12:02 pm | |
| بعد عناء يوم حافل، سقتني والدتي كأس لبن بالزنجبيل متمتمة "اللهم هدئ روعها يا رحمن يا جليل" فأسلمت للنوم العميق جسدي المنهك الكليل. أحلامي الخيالية نمت كما ينام الناس، وحلمت كما يحلم المواطنون، فرأيتني أحلق فوق وطن يشبه الوطن... لكن... طرقاته معبدة ومشاريعه مجسدة... مؤسساته شريفة و حكومته عفيفة.... قضاؤه مستقل ونزيه لا مكان للمحاباة فيه، فذاك أمر لا يعنيه ... صحافته حرة طليقة لا تنطق إلا صدقا وحقيقة.... لا يقتل أبناءه سيل ولا برد، ولا يطال شجعانه سجن ولا قيد...لا يعكر صفوه قطاع طرق جياع، ولا تطاول من قرابة أحد السباع... لا توزع ضيعاته، ولا تنهب خيراته، ولا تبدد ثرواته... إنسانه كريم لا يلقى إلا كل احترام وتبجيل... حكامه عدول لا يكتفون باستعراض الفرق والطبول، وركوب الماء واللعب بالخيول. جوامعه في كل حين مفتوحة لا تضيق بوعاظ ولا بخطباء ولا تسد في وجه أئمة ولا علماء، ولا تستبدل الإخلاص للواحد الخالق، بإخلاص لثوابت الخلق والبلاط. لا يستغل "الشريف" أخاه المستضعف الضعيف ولا يسلب حقوقه، ولا يعربد في الطرقات خارقا للقوانين ومتجاوزا للتشريعات. لا تغلق جمعياته ولا تحارب جماعاته...لا تغلق فيه أبواب مفتوحة ولا تكمم أفواه ولا صحف مصفوفة... لا يتحين شبابه فرصة الانعتاق بالرحيل بحثا عن الجنان والسلسبيل، فوق أو تحت الماء هربا من ضياع في زمن الحيف والتنكيل... حياتي الواقعية كان حلما استطاع أن يرسم في ذهني صورة داعب فيها الخيال أمنياتي للحظات، لكنها كانت قصيرة، فقد انتبهت مذعورة على صوت والدتي والجيران، يحاولون الوقوف في وجه سيول اقتحمت الأبواب والجدران، جارفة كل ما يعترض سبيلها... لطفك إلهي هل هذا هو الطوفان؟ كانت الساعة تشير إلى الثانية صباحا، وفي غياب التيار الكهربائي الذي انقطع لتوه، وهشاشة قنوات الصرف، وهزالة البنية التحتية التي لم تعد تجدي معها حيل الترقيع، فهي لا تملك أن تتورع عن كشف عوراتها وعور مصمميها في مثل هذه المناسبات... وفي انتظار ما لا يأتي من النجدة والإسعافات... تجمعنا في الطابق العلوي الذي كنا محظوظين بصمود أساساته، إذ كان بناء عريقا لم يتطرق إليه عبث مقاولي القمة، الذين حازوا كل المنح والتسهيلات واستفردوا بكل الرخص والامتيازات، غير آبهين بآلام أبناء الشعب من المستضعفين والمستضعفات...تجمعنا هناك ونحن نشاهد من النوافذ ونتأمل من المنافذ على سنا البرق الخاطف الذي يخترق ظلام ليلنا الحالك، أوراقنا الرسمية وبطائقنا الوطنية وهي تسبح منصاعة لرغبات التيار الجارف، وكأني بها فقدت كل قدرة على المقاومة، وذكرتني بعزم فريق من المعطلين المناضلين في أحد الأيام الخالية على الاستغناء الكلي عن بطائقهم الوطنية احتجاجا على حرمانهم من التمتع بأبسط حقوق المواطنة... وتمنيت أن تطهر السيول جميع الخطايا المقترفة ضد هذا الوطن وضد هذا المواطن، وتستيقظ الضمائر الغارقة في سباتها، وتطفو المصلحة العامة على المصالح الشخصية، ويصبح أفراد الوطن سواسية، وتنتعش بسمتنا الموؤودة وتعود بطاقاتنا المفقودة... ويغدو حلمي وحلم جميع المواطنين حقيقة، لا نضطر إلى إسبال أجفاننا لنستمتع بلحظاتها الهنية... | |
|